سابقا قد شاء القدر بأن إحدى الفتيات المتزوجات قد انفصلت عن زوجها وتزوجت مرة اخرى تاركة وراها طفلة تربت في بيت جدها وجدتها وخالها وكانوا لها الحياة إلى أن أصبحت شابة، وكانت ملازمة للاختين وقت وفاة الجد والجدة والابن، حيث توالت الصدمات في حياتها أيضا، اولا ببعدها عن حضن والدتها ووالدها وأخيرا بفقدان الملجأ والحضن الحنون، ومن هنا كانت بداية جديدة للأخت الكبرى التي أصبحت أم لشابتين وهي في هذا السن الصغير، حيث أصبحت المسؤولة عن أختها وعن بنت اختها الاخرى.
بعد سنوات من الألم والفقدان، لم يكن أمام الأخت الكبرى سوى إحتضان أختها وابنة أختها، لتصبح مسؤولة عنهما في سن صغيرة، ولكنها لم تتراجع، بل كانت كالوتد الذي يثبت الأرض رغم الرياح العاتية، ولم يكن البقاء في القرية خيارًا، فقد أصبحت الحياة هناك مليئة بالذكريات الحزينة، ولم يعد لهن أي سند، ولا ولا حتى بيت فقد طمست الذكريات مع تبديل ملامح بيتهم القديم، لم يعد لهن هناك إلا ثلاث قبور تضم رفات أعز الأحباب، لذلك، قررن الانتقال إلى المدينة بحثًا عن فرصة جديدة.
الانتقال إلى المدينة: الأمل والعمل و بداية جديدة
لم يكن العيش في المدينة سهلاً، لكن الأخت الكبرى كانت مصممة على منح أختها وابنة أختها حياة أفضل بالعيش بداية جديدة ، التحقتا بالعمل في منزل أسرة ثرية، ولم تكن التجربة مشابهة لما مرت به الأخوات الأخريات سابقًا، فقد كان أصحاب المنزل يعاملونهن بكرم واحترام، مما منحهن شعورًا نادرًا بالأمان، ورغم العمل الشاق، لم تتخلَّ الأختان عن حلم إكمال تعليمهما، فحرصتا على الدراسة في المساء بعد يوم طويل من العمل.
كان المرتب الشهري قليلًا، لكنه كان كافيًا ليبدأن بإدخار المال، حيث قررت الأخت الكبرى أن تؤسس لنفسها ولأختها ولابنة أختها مستقبلًا أكثر استقرارًا، فاشتركتا في جمعية مالية شهرية، حتى تمكَّنَّ من جمع مبلغ مناسب ليكنَّ لهنَّ مسكن خاص بهن، حتى لو كان صغيرًا.
منزل صغير.. لكنه وطن
بعد البحث الطويل، وجدن شقة تحت الإنشاء في منطقة متوسطة، لا هي راقية ولا شعبية، لكنها كانت مناسبة لإمكاناتهن المحدودة، فدفعن المبلغ الأولي بحب وفرح، فقد كان امتلاك منزل خاص أشبه بالحلم الذي تحقق أخيرا، ورغم أنه لم يكن جاهزًا للسكن بعد، إلا أن الشعور بامتلاك سقف يحميهن كان كفيلًا بمنحهن الطمأنينة.

استمر العمل والدراسة، وكنَّ يقتطعن جزءًا من مرتباتهن كل شهر لتشطيب الشقة، وعندما علم الجيران بقصتهن، لم يقفوا متفرجين، بل تحولوا إلى يد العون التي امتدت إليهن، وشارك البعض في تجهيز المنزل، بعضهم ساعد في النقاشة، وآخرون في تركيب الستائر، حتى أصبحت الشقة صالحة للسكن، وكانت لحظة دخولها للمرة الأولى بعد اكتمال تجهيزها من أسعد لحظات حياتهن.
الاستقرار والمساندة
بعد انتقالهن إلى المنزل الجديد، لم يكن لديهن أثاث فاخر، لكن الحب والتكاتف كانا أغلى من أي شيء آخر، وظلت الأخت الكبرى منبع الأمان والحنان، تسهر على راحة أختها وابنة أختها، وتشجعهن على النجاح، فأصبحت الأخت الصغرى متفوقة في دراستها، بينما ابنة الأخت بدأت تخطو خطواتها الأولى في الحياة بثقة.
ورغم المشقة، كانت حياتهن مليئة بالضحك، بالأمل، وبالتفاؤل الذي لم ينطفئ يومًا، وشعروا أنهن لم يعدن وحيدات، بل كنَّ عائلة قوية تواجه الحياة سويًا، يدًا بيد، يشعرن بطعم الحياة في تناول الطعام معا حتى لو كان بسيطا، وكلما تذكرن الماضي، شعرن بالفخر لما وصلن إليه، فقد علّمتهن الحياة أن الصدمات ليست النهاية، بل قد تكون بداية جديدة، لمن يملك العزيمة والقلب الصادق، لكن لم تنتهي الحياة هكذا وكان في انتظار الاخت الكبرى مفاجئات مؤلمة لم تكن تنتظرها أبدا، ولم تكن في الحسبان يوما.
إلى هنا وللقصة بقية.. للمتابعة أضغط هنا