حكاية الكفاح والحرمان: قصة الأخوات السبع

الجزء الأول: الأخوات السبع طفولة في ظلال الفقر .. في قرية ريفية هادئة، وسط الحقول الخضراء التي تلامس الأفق، عاش الأب “حسن” والأم “فاطمة” في منزل بسيط، يعتمدان في رزقهما على زراعة الأرض وما تجود به المواسم من محاصيل، لم يكن الفقر جديدًا عليهما، لكنه ازداد وطأة مع تزايد عدد أفراد الأسرة، فقد رزقهما الله بست بنات وولد واحد.

كانت الحياة قاسية، والمصاريف تزداد مع مرور الأيام، إلا أن الأب كان رجلاً حنونًا، يقسم لقمة العيش بين أطفاله بالعدل، ويحرص على أن يشعروا بالدفء والأمان رغم قسوة الظروف، أما الأم، فكانت امرأة ريفية أصيلة، لا تعرف شيئًا عن الحياة خارج حدود قريتها، لكنها كانت تعوض نقص خبرتها بفيض من الحب والرعاية.

أدركت البنات منذ صغرهن أن الحياة لن تكون سهلة، فرغم شغفهن بالتعليم، لم يكن للأسرة قدرة على إكمال دراستهن جميعًا، فبعضهن اضطر إلى ترك المدرسة مبكرًا لمساعدة والدهن في أعمال الحقل أو في شؤون المنزل، بينما بقي “إبراهيم”، الولد الوحيد، بعيدًا عن تلك المسؤوليات، فقد كان مدللًا، يُعفى من الأعمال الشاقة لأنه “الولد الوحيد كما ذكرت”، وكان الجميع يأملون أن يكون السند المستقبلي للأسرة، لكنه لم يكن على قدر التوقعات، فقد نشأ طيب القلب لكنه لا يُعتمد عليه، يعيش في ظل اهتمام الجميع به دون أن يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه.

الأخوات السبع ورحلة المعاناة والعمل

مع مرور السنوات بدأت البنات يدركن أن انتظار المجهول لن يُغيّر واقعهن، فقررن النزول إلى سوق العمل، ليس بحثًا عن الرفاهية، بل لتأمين لقمة العيش، لم تكن هناك خيارات كثيرة أمام فتيات ريفيات بلا تعليم، فانتهى بهن الحال خادمات في بيوت الأغنياء.

الأخوات السبع
الأخوات السبع

كان العمل في المنازل تجربة قاسية؛ بعضهن وجد من يعاملهن بإنسانية، وأخريات ذقن الذل والمهانة، وكنّ يتعرضن للأوامر القاسية، للنظرات المتعالية، ولم يكن بإمكانهن الاعتراض، فحاجتهن للمال كانت أقوى من أي شيء آخر، ومع ذلك لم يتوقفن عن مساندة بعضهن، فكل واحدة منهن كانت تواسي الأخرى، وتُخفف عنها مرارة الأيام.

أما “إبراهيم”، فظل كما هو، لم يشاركهن الألم ولم يتكبد العناء، فقد بقي تحت جناح والدته وأخواته، يعتمد على حبهن له دون أن يقدم شيئًا في المقابل.

الزواج وحلم الاستقرار

بدأت البنات في الزواج واحدة تلو الأخرى، لكن لم يكن ذلك سهلاً، فقد واجهن صعوبة في تجهيز أنفسهن، فالعادات والتقاليد تفرض متطلبات تفوق إمكانياتهن، وكان عليهن العمل ليل نهار لتأمين أبسط مستلزمات الزواج، وفي النهاية، تزوجت بعضهن بعد معاناة، بينما أخريات بقين في انتظار فرصة تأتي أو لا تأتي.

الأخوات السبع
الأخوات السبع

ورغم أن الزواج كان حلمًا، إلا أنه لم يكن نهاية المعاناة، بل بداية فصل جديد من المشقة، فبعض الأزواج كانوا رحيمين، لكن آخرين كانوا امتدادًا للقسوة التي عرفنها طوال حياتهن، فوجدن أنفسهن في دائرة جديدة من النضال، لكن هذه المرة داخل بيوت أزواجهن.

أما في المنزل فقد بقيت الابنتان الأصغر مع والدهما، ترعيانه بحبٍ واهتمام، وكانتا تشعران أن وجوده هو الملجأ الأخير لهما، فهو رغم ضعفه كان السند الذي يشعرهن بالأمان في هذا العالم القاسي.

الرحيل الأول وكسر الأمان

لكن الأمان لا يدوم، فقد مرض الأب فجأة، وبدأت رحلة جديدة من المعاناة، وتنقلتا به الابنتان بين المستشفيات الحكومية، حيث لا اهتمام ولا رحمة، وكانت الصالات المزدحمة بالمرضى تزيد من وجع قلوبهما، وفي عنبر الرجال جلستا بجواره، تمسكان بيديه كما لو كانتا تحاولان منعه من الرحيل.

الأخوات السبع
الأخوات السبع

لكن الموت كان أسرع، ورحل الأب تاركًا وراءه فراغًا هائلًا، وشعرت الفتاتان أن العالم أصبح موحشًا، وأن الظهر الذي كان يحميهما قد انكسر، وبكتا بحرقة، ليس فقط على فقدان أبيهما، بل على الخوف الذي تسلل إلى قلبيهما، فالحياة بعده ستكون أكثر قسوة.

الأخوات السبع
الأخوات السبع

حاولت الأم أن تعوضهما، رغم بساطتها، لكنها لم تكن قادرة على سد ذلك الفراغ، فقد كانت امرأة بسيطة، لم تعتد التعبير عن مشاعرها بالكلمات، لكنها احتضنتهما بحنانها، في محاولة أخيرة لإبقائهما آمنتين في ظلها.

لمتابعة القصة ومعرفة ما ينتظر الأخوات السبع من مفاجئات اضغط هنا

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *